كتب جوزيف مسعد أنّ الجمعية العامة للأمم المتحدة صوّتت في 12 سبتمبر بأغلبية ساحقة لصالح قرار يعيد طرح حل الدولتين. القرار الذي أيده 142 بلداً، والمعروف بـ"إعلان نيويورك"، مهد الطريق لقمة ستُعقد في 22 سبتمبر لدفع الاعتراف بما وصفه الكاتب بالدولة الفلسطينية الوهمية. وأوضح أنّ القوى الغربية التي تواصل دعم الحرب الإسرائيلية على غزة تبنّت هذا المشروع بقيادة فرنسية وسعودية، في لحظة يسعى فيها العالم لتجاوز مشاهد الإبادة.
أشار تقرير ميدل إيست آي إلى أنّ الهدف المعلن من هذا الاعتراف تحقيق سلام عادل ودائم، لكن الغرض الحقيقي يتمثل في حماية إسرائيل كدولة قائمة على تفوق اليهود، ترسخه عشرات القوانين التي تمنح المستوطنين امتيازات على حساب الفلسطينيين الأصليين. ورأى مسعد أنّ الاعتراف الغربي بدولة غير موجودة فعلياً يخدم أيضاً تعزيز مكانة السلطة الفلسطينية باعتبارها متعاقداً فرعياً لإدارة الاحتلال.
ذكّر الكاتب بمحاولات سابقة لمنح الفلسطينيين صفة الدولة. ففي 1948 أُنشئت حكومة عموم فلسطين في غزة بدعم من ست دول عربية، لكن ضغوط الغرب والتفاهمات مع الملك الأردني عبدالله الأول أجهضت المشروع. وفي 1988 أعلن المجلس الوطني الفلسطيني "الاستقلال" في الجزائر، غير أنّ الولايات المتحدة رفضت الاعتراف، كما ضغطت لفرض اتفاق أوسلو 1993 الذي أنشأ السلطة الفلسطينية دون أن يمنح استقلالاً حقيقياً.
لفت المقال إلى أنّ كل المحاولات اللاحقة للسلطة من أجل الاعتراف الأممي واجهت تهديدات أميركية باستخدام الفيتو ووقف التمويل. وحتى بعد رفع وضع فلسطين إلى "دولة مراقب غير عضو" في 2012، بقيت السلطة من دون سيادة على الأرض، بينما استمر الاحتلال في توسيع المستوطنات ومصادرة الأراضي.
استغلّت السلطة الفلسطينية مأساة غزة لتعزيز مسعاها، فدفعت خلال العام الماضي للحصول على اعتراف أوسع من دول أوروبية متورطة في دعم إسرائيل. وأوضح مسعد أنّ هذا المسعى لاقى تجاوباً، إذ ارتفع عدد الدول التي تعترف بفلسطين إلى 143 حتى مايو 2025، مع توقع انضمام دول كبرى مثل فرنسا وكندا وأستراليا وبريطانيا. غير أنّ الولايات المتحدة حافظت على موقفها الرافض لأي شكل من الاستقلال الفلسطيني، وهو الموقف ذاته الذي تبنته منذ 1948.
أشار المقال أيضاً إلى اعتراض رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني، التي قالت إن الاعتراف بدولة فلسطين قبل قيامها الفعلي قد يكون غير مجدٍ. واعتبر مسعد أنّ هذا الاعتراض يثير تساؤلاً مهماً: هل الاعتراف المسبق يعكس رغبة حقيقية في تمكين الفلسطينيين، أم أنه مجرد غطاء لتكريس واقع الاستعمار؟
قارن الكاتب التجربة الفلسطينية بحالات تاريخية أعلنت الاستقلال قبل تحقيقه فعلياً، مثل الولايات المتحدة واليونان، حيث كان المعلنون هم أنفسهم من خاضوا حروب التحرير. بينما في الحالة الفلسطينية، تمنح الدول الأوروبية اعترافها لا للمقاومة بل لسلطة متعاونة مع الاحتلال.
خلص مسعد إلى أنّ مؤتمر الأمم المتحدة المقبل لن يحقق سوى طمأنة إسرائيل بأن وجودها كدولة تقوم على التفوق اليهودي سيظل مضموناً، مقابل الاعتراف بدولة فلسطينية غير موجودة ولن ترى النور. ورأى أنّ الحل الوحيد لمعاقبة إسرائيل دبلوماسياً يكمن في سحب الاعتراف بها وفرض مقاطعة وعقوبات دولية حتى تلغي قوانينها العنصرية. أما الاعتراف بدولة وهمية فلا يعدو كونه تمريناً في العبث، ودليلاً إضافياً على استمرار تواطؤ القوى الغربية والعربية في الإبادة الجارية ضد الشعب الفلسطيني.
https://www.middleeasteye.net/opinion/un-western-powers-recognise-phantom-palestine-state-safeguard-israel